الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية هـــل أصـبــحــت مبادرة السبسي والغنــوشــي قانون عـدالة انتـقـاليـة جديدا؟

نشر في  18 ماي 2016  (11:34)

طفا من جديد على سطح الساحة السياسية والعامة الحديث عن مسألة العدالة الانتقالية أو المصالحة الوطنية خاصة بعدما بادر رجل الأعمال سليم شيبوب بالتوجه إلى هيئة الحقيقة والكرامة لطلب الصلح وفق ما يقتضه مسار العدالة الانتقالية، علاوة على تداول بعض الأخبار التي تفيد بتقديم بعض الوجوه التابعة للنظام السابق ملفاتها لدى الهيئة المذكورة لذات الغرض ..
وبعدما ارتفعت وتيرة الجدل مؤخرا حول قانون المصالحة الاقتصادية الذي سبق أن اقترحته رئاسة الجمهورية في 20 مارس الماضي والذي تمت إحالته على لجنة التشريع العام بمجلس نواب الشعب لدراسته، أتت مبادرة زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي من أجل مصالحة وطنية شاملة ذات بعد سياسوي لتزيد الطين بلّة خاصة وسط أصوات عارضت كلتا المبادرتين..
وفي ظلّ التباين الحاصل في التخيير بين مصالحة هيئة بن سدرين ومصالحة السبسي والغنوشي، رصدت أخبار الجمهورية مواقف هؤلاء المحللين..

عبد اللطيف الحناشي: هيئة بن سدرين هي الأسلم والأقدر...

قال المؤرخ والمحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي انّ المبادرة التي تقدم بها سليم شيبوب المتمثّلة بالتوجه إلى هيئة الحقيقة والكرامة وطلب الصلح وفق مسار العدالة الانتقالية تعتبر خطوة هامة وإيجابية وشجاعة أيضا، في الوقت الذي كان فيه الجميع يتحدث عن المصالحة الشاملة في إطار مبادرة كل من رئيس الجمهورية (المصالحة الاقتصادية) ورئيس حركة النهضة (العفو العام) وهي مبادرة ذات طابع سياسي لتحقيق أهداف سياسية مباشرة.
وأكد محدثنا انّ اللجوء إلى هيئة الحقيقة والكرامة باعتبارها هيئة دستورية ولها صبغة شرعية ، يعتبر الأسلوب الأسلم والأقدر لتسلم الملفات ومعالجتها ، مشيرا إلى انّه ورغم وجود بعض المآخذ من قبل البعض على تركيبة هذه الهيئة فإنّ هنالك على الأقل قطاعا واسعا من الرأي العام والمجتمع السياسي في تونس وفي الخارج مقتنع بضرورة هذه الهيئة وجدوى عملها ومهمتها...
وواصل الحناشي مداخلته قائلا انه من الضروري أن تتم المصالحة الوطنية ولكن عبر هيئة الحقيقة والكرامة وبالاستناد إلى قانونها الأساسي وهياكلها الفرعية وذلك باعتماد المسار السليم أي الكشف عن الحقيقة أولا والمصارحة ثانيا ثم المصالحة التي لا تعني الإفلات من العقاب بل في إطار تسويات ممكنة عن طريقة الهيئة و «المذنبين»...
إذ يجب أن نكشف الحقيقة حتى نتمكّن من صياغة رؤية جديدة وصادقة لتاريخنا الوطني وهو ما يساعد على عدم تكرر الأخطاء والانتهاكات والفساد فالمصالحة عبر هذا المسار ضرورية حتى نبني المستقبل على أسس صحيحة ونتجنّب الظلم والقهر الذي يولد الضغائن والأحقاد بين الأفراد والمجموعات.

قيس سعيد: هذا ما اقترحته بشأن هؤلاء المتورطين...

من جهته وافانا أستاذ القانون الدستوري قيس سعيّد بمداخلته حول هذا الموضوع قائلا: « للتاريخ، لقد تقدمت يوم 20 مارس 2012 بمقترح إلى الجهات المسؤولة يومئذ وإلى عدد من أعضاء المجلس الوطني التأسيسي يتمثل في إبرام صلح جزائي مع المتورطين في
قضايا الفساد الاقتصادي والمالي علما وأن مؤسسة الصلح الجزائي موجودة في القانون التونسي بمجلة الإجراءات الجزائية، وفي غيرها من النصوص القانونية الأخرى كمجلة الديوانة ومجلة الغابات وغيرها...»
وأضاف في ذات السياق أن عدد المتورطين بناء على ما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق في الرشوة والفساد كان يبلغ 460 شخصا،  وكان المبلغ المطلوب منهم بحسب أحد كبار المسؤولين في الدولة التونسية يتراوح بين 10 آلاف مليار مليم و13 ألفا و500 مليار مليم.
وأشار محدثنا إلى انه اقترح بعد أن يتم إبرام صلح جزائي معهم حسب إجراءات يحددها القانون المتعلق بالعدالة الانتقالية وعلى رؤوس الملإ، أن يتم ترتيبهم ترتيبا تنازليا من الأكثر تورطا إلى الأقل تورطا بحساب المبالغ المحكوم بها عليهم.
وأشار محدثنا إلى انه تمّ ترتيب المعتمديات في تونس وعددها 264 معتمدية ترتيبا تنازليا من الأكثر فقرا إلى الأقل فقرا وهو ترتيب متوفر لدى الإدارة التونسية، حيث يتولى الأكثر تورطا القيام بالمشاريع في المعتمدية الأكثر فقرا وهذه المشاريع ليست استثمارا لحساب المعني بالأمر ولكن لفائدة الأهالي المعنيين من حيث البنية التحتية: مؤسسات استشفائية، مؤسسات تربوية، بيوت للسكن وغير ذلك مما يطالب به الأهالي...
وواصل قائلا: « لكن الأصوات تعالت في تلك الفترة رفضا لهذا المقترح ومن رفضه يومها أصبح اليوم يطالب بها فما الذي تغير؟»..
في المقابل شدّد أستاذ القانون الدستوري على وجوب انّ تكون المصالحة مع الشعب التونسي ذلك انّ هذه الأموال الضخمة عليها أن تعود إلى البؤساء والمحرومين، على اعتبار أنها اختلست منهم وهم أول ضحاياها.
واعتبر ان المصالحة التي ينادي بها البعض اليوم هي مصالحة بين أطراف سياسية وليست مع الشعب التونسي فالمصالحة لن تكون حقيقية الا بعد معرفة الحقيقة كاملة وبعد أن تتم مع الشعب التونسي بعيدا عن الصراعات داخل جهاز الدولة وبعيدا عن حسابات السياسة والسياسيين وفق تعبيره.

فتحي المولدي: على كل شخص لم تلطخ يداه بالدماء التوجه الى هيئة الحقيقة والكرامة

بدوره اعتبر المحامي والإعلامي والمحلل السياسي فتحي المولدي أن الاتجاه نحو هيئة الحقيقة والكرامة لطلب الصلح باعتبارها هيكلا دستوريا هو الاتجاه الأصح، مشيرا إلى انّه يحسب لسليم شيبوب أنّه كانت له الشجاعة الكبيرة للاستجابة إلى طلب العودة إلى تونس وكان أول شخص يعود إلى البلاد ودفع ثمن ذلك أن قبع في السجن علاوة على انه كان أول رجل تابع للنظام السابق توجه إلى هيئة الحقيقة والكرامة لتقديم ملفه على حد تعبيره.
وكشف الأستاذ فتحي في ذات السياق انّ سليم شيبوب لطالما أفصح له مرارا وهو يقبع داخل السجن عن رغبته في الوقوف أمام الشعب التونسي لطلب المصالحة الشاملة، مشددا على أن ما نسب إليه مجرد جرائم مالية فقط وليس له أي علاقة بانتهاك حقوق الإنسان.
أمّا في ما يخص موقفه من مبادرة رئيس الجمهورية وزعيم حركة النهضة، فقال المولدي إنها مازالت مجرد أفكار ومبادرات لم تصل بعد إلى درجة النضج حتّى نتحول إلى الحديث عن مشروع قانون.
وختم مداخلته معنا مؤكدا ضرورة توجه كل شخص تكون يداه غير ملطختين بالدماء إلى هيئة الحقيقة والكرامة، لأنها هي المنهج الصحيح والقانوني بينما الأفكار الأخرى مازلنا لا نعرف شروطها أو عواقبها..

إعداد: منارة تليجاني